اللص الهندي.. ولصوص لبنان
اتمنى على تجار السياسة وتجار الدين السياسي وسماسرته في لبنان…على لصوص المال العام في لبنان… ولصوص المصارف… والودائع… ولصوص المياه المقطوعة… والطحين المغشوش… والدواء المنتهي الصلاحية…. وأصحاب المستشفيات وفواتيرها الفلكية وخدماتها الصفر وما دون الصفر…. وإدارة الكهرباء المقطوعة منذ ان كنت مراهق… ومافيا المولدات ودولتها العميقة… ولصوص الكحل من العين والجيب وإلى اخر معزوفة اللصوص والحرامية… ان يراعوا الله في عباده المسروقين والمنهوبين في لبنان الوطن الذي لم يسترح منذ عقود وعقود ولم يعد يمتلك شيء يستحق السرقة…!
وأن يتعلمون، ويأخذون درساً من رواية الشاعر والكاتب الباكستاني مرزا أديب في كتابه “المصباح” عن اللصوص أولاد الحلال الذين يمتلكون من الأخلاق والمبادئ والقيم التي يعجز عنها جميع حيتان طبقة الفساد المالي والسياسي والاقتصادي والاجتماعي في البلد المنهوب لبنان:
( ذهبت إلى دلهي في الستينات للعمل وفي أحد الأيام نزلتُ من الحافلة؛ ثم فتشتُ جيوبي لأتفاجأ بأن أحدهم قد سرقني، وما كان في جيبي حين نُهبت سوى تسع روبيات ورسالة في ظرف كنت قد كتبتها إلى أمي:
“أمِّي الحنون!!
فُصلتُ من عملي، لا أستطيعُ أن أرسل لك هذا الشهر مبلغ الخمسين روبية المعتاد..”
وكنت قد وضعت رسالتي هذه في جيبي منذ ثلاثة أيام على أمل أن أرسلها في وقت لاحق بما يتوفر من روبيات، وبالرغم من أن الروبيات التسع التي سرقت لا تساوي شيئاً؛ لكن الذي فصل من عمله؛ وسُرق ماله تساوي في نظره 9000 روبية!!
مضت أيام وصلتني رسالة من أمي توجست خوفاً، وقلت في نفسي: لا بد أنها طلبت المبلغ الذي اعتدت إرساله إليها، لكني عندما قرأت الرسالة احترت كونها تحمل شكرها ودعواتها لي، قائلة:
«وصلتني منك 50 روبية عبر حوالتك المالية، كم أنت رائع يا بني، ترسل لي المبلغ في وقته ولا تتأخر بتاتاً، رغم إنهم فصلوك من عملك، أدعو لك بالتوفيق وسعة الرزق»
وقد عشت متردداً محتاراً لأيام.. مَنْ يا ترى الذي أرسل هذا المبلغ إلى أمي؟!! وبعد أيام وصلتني رسالة أخرى بخط يد بالكاد يُقرأ، كتب فيها صاحبها:
"حصلت على عنوانك من ظرف الرسالة، وقد أضفتُ إلى روبياتك التسعة، إحدى وأربعين روبية كنت قد جمعتها سابقاً، وأرسلتها حوالة مالية إلى أمك حسب العنوان الذي في رسالتك. وبصراحة فإني قد فكرت في أمي وأمك، فقلت في نفسي: لماذا تبيت أمك أيامها طاوية على الجوع وأتحمل ذنبك وذنبها؟؟ تحياتي لك، أنا صاحبك الذي سرقك في الحافلة فسامحني"!
نصادف أحياناً لصوصا أشرف بكثير من أولئك الذين يرفعون شعارات في حقيقتها وهمية إن لم تكن مزيفة كما هو الحال في “ادبيات” معظم الاحزاب السياسية في لبنان… بين لص رواية “المصباح”، ولصوص لبنان مسافة من الوعي والاخلاق والحكمة لم ولن يدركها جميع لصوص لبنان بالجملة والمفرق..او بالمفرق والجملة!
ونختم بقصيدة البردوني “لص في منزل الشاعر” التي نُشرت في ديوان “مدينة الغد”.. قصيدة في شكل قصة من السهل الممتنع:
شكراً دخلت بلا إثاره وبلا طفور أو غراره.. لما أغرت خلقت في رجليك ضوضاء الإغارة.. لم تسلب الطين السكون ولم ترع نوم الحجارة.. كالطيف جئت بلا خطى وبلا صدى وبلا إشارة.. أرأيت هذا البيت قزما لا يكلفك المهارة فأتيته ترجوا الغنائم وهو أعرى من مغاره..
ماذا وجدت سوى الفراغ وهرة تشتم فارة ولهاث صعلوك الحروف يصوغ من دمه العبارة يطفي التوقد باللظى ينسى المرارة بالمرارة لم يبق في كوب الأسى شيئاً حساه إلى القراره…
يا لص عفواً إن رجعت بدون ربح أو خسارة.. لم تلق إلاّ خيبة ونسيت صندوق السجارة… شكراً أتنوي أن تشرفنا بتكرار الزيارة.
نعم، لن تلقوا يا لصوص وتجار وسماسرة لبنان بعد اليوم شيءٍ إلا الخيبة والفراغ دون مجاز او تشبيه او حتى استعارة… نعم، لقد سرقتم كل شيء وكل شيء… ونسيتم صندوق السجارة!

Leave feedback about this